البحث العلمي
مرحبا بك أخي الزائر في منتدى البحث العلمي
البحث العلمي
مرحبا بك أخي الزائر في منتدى البحث العلمي
البحث العلمي
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

البحث العلمي

منتدى يهتم بالبحوث والدراسات الجامعية
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 النظريات المفسرة للتغير الاجتماعى والثقافى الفصل الثالث

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
البلسم الشافي

البلسم الشافي


الجنس : انثى
عدد المساهمات : 523
تاريخ التسجيل : 30/01/2011
الموقع : https://unva.forumalgerie.net

النظريات المفسرة للتغير الاجتماعى والثقافى الفصل الثالث  Empty
مُساهمةموضوع: النظريات المفسرة للتغير الاجتماعى والثقافى الفصل الثالث    النظريات المفسرة للتغير الاجتماعى والثقافى الفصل الثالث  I_icon_minitimeالجمعة فبراير 18, 2011 3:01 am



الفصل الثالث
النظريات المفسرة للتغير الاجتماعى والثقافى
1- بذور نظريات التغير الاجتماعى ظهرت فى القرن التاسع عشر ، ولم تنقطع عن التطور ، ولم تقض واحدة على الاخرى ، بإستثناء النظريات الحتمية التى تكاد تكون قد اختفت تقريباً .
2- نظريات التغير الاجتماعى تطورت وازدادت دقة ، وانتقلت من مرحلة التفكير التأملى والتاريخ الظنى الى الاحتكام الى الواقع وحشد البراهين التاريخية الدالة على صحة النظرية .
3- بالرغم من هذا فإن اياً من هذه النظريات لم يتوصل الى كلمة نهائية فى رصد ظواهر التغير وتفسيرها ، ويرجع السبب فى هذا الى ان الواقع الاجتماعى يكشف دائما عن ادلة وبراهين جديدة ، اذا دعمت بعض النظريات فقد تؤدى الى زيف نظريات اخرى .
4- لهذا فان الحديث عن نظرية للتغير الاجتماعى يجب ان يحاط بالحذر ، فى ضوء الحقيقة التى مؤداها ان التاريخ يمكن ان يزيف اى نظرية .
5- هذا لا يعنى التقليل من شأن نظريات التغير الاجتماعى التى ظهرت ، ولكنه يفسر لنا لماذا تعددت هذه النظريات ولماذا اختلفت .
6- المتأمل لتاريخ هذه النظرات يكتشف انها قطعت اشواطا كبيرة فى فهم ظاهرة التغير الاجتماعى . وسوف يتضح لنا من خلال العرض التالى مدى صدق هذه الحقيقة .

نظريات التغير الاجتماعى
اولاً : النظريات الحتمية

هى تلك التى تركز على عامل واحد فحسب ، وتفترض كل نظرية من هذه النظريات ان عاملاً واحداً – كالاقنصاد او المناخ او غيرها – هو العامل الوحيد الذى يحرك كل العوامل الاخرى . توصف هذه النظريات بانها نظريات إختزالية ، اى انها تختزل كل العوامل فى عامل واحد ، وتعتبر ان هذا العامل هو العامل الكافى وحده لحدوث التغير .
من النظريات الحتمية
ا- النظرية الجغرافية :
هناك اعتقاد قديم سائد بان ثمة علاقة بين طبيعة الطقس الذى يعيش فيه الانسان وبين طابعه الاجتماعى . ولقد تأثر المنظرون الاجتماعيون الاوائل بهذا الاعتقاد ، وحاولوا من خلاله ان يميزوا اوجه التشابه والاختلاف بين البشر ، وكانت النتيجة نظرية شاملة فى الحتمية الجغرافية .
بالرغم من ان فكرة الحتمية الجغرافية فكرة قديمة ، الا انها شاعت من خلال استخدام عدد من المفكرين لها فى تفسير نشأة المجتمعات وتغيرها . من اشهر هؤلاء الجغرافى الامريكى ( هنتنجتون 1965) الذى استخدم هذا المفهوم لا فى تفسير تغير الاختلاف بين البشر فحسب ، ولكن فى تفسير تغير المجتمعات . الكتاب ص 120 – 121 .

ب - الحتمية البيولوجية :
تتأسس على فرضية مؤداها ان الناس فى العالم ينقسمون الى اجناس وجماعات متميزة بيولوجيا ً، وان الاجناس تختلف فى قدرتها على تطوير الحياة الاجتماعية وتنميتها ، وان نوعية الحياة لدى شعب من الشعوب هى مؤشر على قدراتها البيولوجية – العرقية . وفى ضوء ذلك تتبلور الفروق بين الشعوب .كما تفسر التغيرات الاجتماعية التى تظهر لدى هذه الشعوب ، سواء التغيرات السلبية ( المرتبطة بالتخلف او التقهقر الحضارى ) ، او التغيرات الايجابية التى تفسر بظهور اشكال من التفوق الكامن فى شعب من الشعوب .
تقوم هذه النظرية على فرضية سادت فى مجتمعات قديمة منذ القدم ، وهى تلك الخاصة بتفوق طبقات داخل المجتمع على طبقات اخرى . وإرتباط هذا التفوق بالخصائص البيولوجية . لعب ( دى جوبيون 1816 – 1882 ) دوراً فى ترويج هذه الفكرة من خلال بحثه عن تفاوت السلالات البشرية الذى ربط فيه بين تفوق شعب من الشعوب او انحطاطه وبين خصائصه العرقية . وشن حرباً على الاشتراكية لمحاولتها خلق نوع من المساواة بين البشر .
من المتغيرات البيولوجية التى يتم التركيز عليها :
1- اثر التفاوت الوراثى على التغير الاجتماعى .
2- اثر التفاوت بين الافراد فى الذكاء والامكانات الجسمية والنفسية . 3- اثر البيئة الصحية على التطور والنمو الاقتصادى .
4- اثر الانتخاب الطبيعى والاصطناعى على الاشكال المختلفة لهرم السكان .

نقد النظرية :
1- انها نظريات اختزالية ذات نظرة احادية .
2- انها نظريات متحيزة تميل الى تبرير افكار بعينها كتفوق شعب من الشعوب او سيطرة شعب من الشعوب على شعب أخر .
3- انها نظريات غير علمية لانها تؤكد سببا واحدا دون تمحيص علمى دقيق فى الاسباب الاخرى .
4- ادت الى كثير من الصراعات بين الشعوب .
5- انها ولدت اشكال من العنصرية السياسية التى يعانى منها عالمنا المعاصر .

ثانياُ : النظريات التطورية
1-انتشرت النظريات التطورية فى القرن التاسع عشر .
2- ظهرت من خلال الاعتقاد بان المجتمعات تسير فى مسار واحد محدد سلفاً عبر مراحل يمكن التعرف عليها .
3- يتفق التطوريون على هذه القضية ، ولكنهم يختلفون حول قضايا ثلاث :
ا- تتصل بمراحل التطور .
ب- حول العامل الرئيسى المحرك للتطور ، افكار ومعتقدات ام تكنولوجيا وعناصر مادية .
ج- تتصل بوجهة التطور ، خطى تقدمى ام مسلك دائرى .


أ - النظريات الخطية :
1- هى نظريات تهتم بالتحولات التقدمية المستمرة او المطردة الموصلة فى النهاية الى هدف محدد ، ويمر المجتمع فى حالة تحوله نحو تحقيق هذا الهدف بمراحل او خطوات ثابتة .
2- هذه الفكرة هى فكرة قديمة ظهرت فى الفلسفة الاغريقية القديمة ، واعيد احياؤها فى عصر التنوير على يد ( فيكو ) الذى حدد مسار المجتمع فى ثلاث مراحل اساسية فى ضوء علاقة الانسان يقوى ما فوق الطبيعة .
3- قويت هذه الفكرة فى القرن التاسع عشر عندما انشغل المفكرون الاجتماعيون بالبحث عن الاصول الاولى لمجتمعاتهم ومحاولة تحديد المرحلة التاريخية التى وصلت اليها هذه المجتمعات .
سار الفكر التطورى فى خطين رئيسين فى محاولة تحديده لمراحل التطور :
1- التركيز على عنصر واحد من عناصر الحياة الاجتماعية او الثقافية وتحديد المراحل الزمنية التى سارت فيها المجتمعات وفقاً لهذا العنصر . مال البعض الى التركيز على الجوانب الاقتصادية ، ومال البعض الآخر الى التركيز على الاسرة كمؤسسة اجتماعية .
2- بدلاً من التركيز على عنصر واحد ، مال بعض التطوريين الى النظر للتطورالكلى فى البناء الاجتماعى او الثقافى . وتحديد المراحل بشكل كلى دون التركيز على عنصر بعينه .
مثال ذلك : نظرية اوجست كونت عن تطور المجتمعات من المرحلة الوضعية. ونظرية ماركس فى التحول من المجتمع المشاعى الى المجتمع الاقطاعى الى المجتمع الرأسمالى الى المجتمع الشيوعى . ونظرية سبنسر عن التحول من المجتمع العسكرى الى المجتمع الصناعى ، ذلك التحول الذى يصاحبه تحول من حالة التجانس المطلق الى حالة اللا تجانس غير المستقر .
وسواء ركزت النظرية على متغير واحد او على المجتمع ككل ، فان التطورية الخطية تتميز بتحديد مراحل تقدمية تسير نحو هدف محدد . يكمن الخلاف بين المفكرين التطوريين فى عنصرين اساسيين : الاول : يرتبط بعدد مراحل التطور . الثانى : يرتبط بطبيعة العامل المحرك للتغير .
اوجست كونت يرى ان الانسانية تسير سيرا تلقائيا تقدميا ، والتقدم فى نظره سير اجتماعى نحو هدف معين ، وهذا السير يخضع لقوانين ضروروية هى التى تحدد بالضبط مداه وسرعته ، ويستدل كونت على خضوع الانسانية لظاهرة التقدم والارتقاء المطرد ، بانها مرت بثلاث مراحل :
1- الحياة الاجتماعية فى العصور القديمة .
2- الحياة الاجتماعية فى القرون الوسطى المسيحية .
3- التنظيم الاجتماعى الذى قام غداة الثورة الفرنسية .
تقرير كونت للمراحل الثلاثة يؤكد فكرته فى التطور الارتقائى ويزيد على ذلك بان الارتقاء واضح فى مظهرين : حالتنا الاجتماعية – طبيعتنا الانسانية . التقدم الاجتماعى فى نظره مظهر من مظاهر التطور العقلى ، وقوانينه مستمدة من قوانين تطور الفكر التى تصور انتقال التفكير الانسانى من المرحلة اللاهوتية الى المرحلة الفلسفية الميتافيزيقية ، ثم الى المرحلة العلمية الوضعية .
هنرى مورجان يفترض ان مراحل التطور التكنولوجى ونظم القرابة ترتبط بمختلف المؤسسات الاجتماعية والسياسية . استنتج ان الثقافة تتطور فى مراحل متتابعة ، وان ترتيب هذه المراحل هو ترتيب حتمى ، وان محتواها محدد لان العمليات العقلية تتشابه بين الناس فى ظل ظروف متشابهة فى المجتمعات المختلفة .
وصف تقدم النوع الانسانى من خلال ثلاث مراحل رئيسية للتطور : المرحلة البدائية : وقسمها الى علي ووسطى ودنيا .
المرحلة البربرية : وقسمها الى عليا ووسطى ودنيا . مرحلة المدنية . ويؤكد مورجان ان كل مرحلة قد بدأت بابتكار تكنولوجى اساسى . ويؤكد ان كل مرحلة من مراحل التطور التكنولوجى ترتبط بعلاقة متبادلة مع تطورات مميزة فى الاسرة والدين والنظام السياسى وتنظيم الملكية .
ب – النظريات الدائرية : يذهب اصحاب هذه النظريات الى ان التغير يتجه صعودا وهبوطا فى تموجات على شكل انصاف دوائر متتابعة وبنظام مطرد ، بحيث يعود المجتمع من حيث بدأ فى دورة معينة . تنقسم النظريات الدائرية الى نوعين :
1- بعضها يفسر جانبا محدودا من جوانب الحياة الاجتماعية او يشرح ظاهرة او نظاما اجتماعيا واحدا .
2- بعضها يهدف الى تفسير المجرى العام للتاريخ ، متناولا جميع الظواهر والنظم والانساق الاجتماعية دون ان يركز على ظاهرة واحدة او نظام بذاته .
من اصحاب النظريات الدائرية : ابن خلدون – فيكو
يرى ابن خلدون ان المجتمع الانسانى كالفرد يمر بمراحل منذ ولادته حتى وفاته . وان للدول اعمار كالاشخاص سواء بسواء ، وعمر الدولة فى العادة ثلاثة اجيال ، والجيل اربعون سنة ، فعمر الدولة إذن 120 سنة ، وفى هذه الاجيال الثلاثة يمر المجتمع بمراحل ثلاث هى :
1- مرحلة النشأة والتكوين وهى مرحلة البداوة .
2- مرحلة النضج والاكتمال وهى مرحلة الملك ، وفيها يتحول المجتمع من البداوة الى الحضارة .
3- مرحلة الهرم والشيخوخة وهى مرحلة الترف والنعيم او الحضارة ، ويبلغ الترف ذروته ، وينتهى الامر بالمجتمع الى الهرم .
المفكر الايطالى ( فيكو ) من ابرز مفكرى القرنين السابع عشر والثامن عشر ، وقد وضع نظرية دائرية فى تطور المجتمعات ، مؤداها ان المجتمع الانسانى يمر فى ثلاث مراحل هى :
1- المرحلة الدينية او الالهية .
2- المرحلة البطولية .
3- المرحلة الانسانية .
ويؤدى منطق نظريته الى ان الانسانية لا تستقر ولكنها تسير سيرا دائريا . عندما تستقر فترة معينة فى المرحلة الاخيرة ، فانها سرعان ما تعود القهقرى الى المرحلة الاولى ، ولكن بشكل مغاير وبصورة اكثر رقيا ً ، اى ان آخر طور من هذه الاطوار انما يمهد للطور الاول ولكن بشكل ارقى ، لذلك اطلق على نظريته ( قانون النكوص )
يعد ( اوزفالد شبنجلر ) من اشهر اصحاب النظرية الدائرية فى كتابه ( سقوط الغرب او انهيار الغرب ) حيث شبه الحضارات بحياة الكائنات الحية التى تعمر بمرحلة الشباب ، ثم الرشد ، فالشيخوخة المحتومة . وقد درس ( شبنجلر ) سبع حضارات حاول ان يستكشف عوامل صعودها وهبوطها ، وتبين له انها جميعا مرت بمراحل إنشاء ونمو ، ونضج ، ثم انحدار .
يمثل الفيلسوف المعاصر ( ارنولد توينبى ) افضل معرفة لتلك النظريات الدائرية ، ويتضح ذلك فى كتابه ( التاريخ ) الذى حاول فيه البحث عن الاسباب العامة لارتقاء وانحدار الحضارات . يؤكد ان فكرة ( التحدى والاستجابة ) تمثل سبب نقل القوى ، فيرى ان الاستجابات الناجحة للتحديات تنتج عنها عناصر النمو .
وتستمر الحضارات فى النمو طالما استمرت اقليتها المختارة فى استجاباتها الخلاقة المتكافئة مع التحديات الجديدة . اما عملية الانحلال فتبدأ حين تفقد هذه الاقليات ديناميكيتها ولا تستطيع ان تستجيب بشكل خلاق للتحديات الجديدة .
يذهب توينبى الى القول بان الحركة الدائرية تنطبق على كل الحضارات ، وان كان يتميز بعضها بالعقم ، والآخر بالتوقف الى حين . نستخلص من ذلك ان توينبى قد حصر نطاق التغير فى ثلاث احوال اساسية : الاولى : هى حالة التوازن او التكافؤ . الثانية : هى الانتقال الى حالة اللاتوازن . الثالثة : حل الازمة او المشكلة ، اى الانتقال الى حالة جديدة .
درس الفيلسوف 21 حضارة فى مختلف انحاء العالم شرقا وغربا ، وحاول ان يصل الى معرفة القوانين العامة التى تتحكم فى قيامها وتطورها وانحلالها . وقد اجمل طبيعة الانهيار الحضارى فى ثلاث نقاط :
الاولى : اخفاق الطاقة الابداعية فى الاقلية المبدعة ، وعندئذ تتحول تلك الاقلية الى اقلية مسيطرة . الثانية : ترد اغلبية المجتمع على طغيان الاقلية بسحب الولاء لهذه الاقلية وعدم محاكاتها . الثالثة : يستتبع الثقة بين اقلية المجتمع الحاكمة واغلبيته المحكومة ضياع وحدة المجتمع الاجتماعية وانهياره .
يرى ( سوروكن ) ان المجتمعات تتحرك جيئة وذهابا من نمط معين من الحضارة الى آخر ، وتحتاج الكائنات الانسانية فى البداية الى اكتساب المعرفة لكى تسيطر على اتجاه التغير . لكى نفهم ذبذبة التغير الاجتماعى ، يجب على دارسى علم الاجتماع ان يكونوا على إلمام تام بالنماذج المختلفة للمجتمع .
يمدنا ( سوروكن ) بثلاثة انواع للحضارات هى : الحسية – التصورية – المثالية . هذه الانواع الثلاثة توجد فقط كنماذج مثالية ، ولا يوجد فيها نوع خالص .
انماط الثقافة
اولاً :
الثقافة الحسية : توجد عندما تتقبل عقلية الجماهير حقيقة الاشياء وتستطيع ملاحظتها بالاعضاء الحسية ، لذلك تتجه الحضارة الحسية نحو استخدام ( الامبيريقية ) كمصدر للحقيقة .
ثانياً : الثقافة الصورية
عبارة عن احساس روحى ، تعتمد على اتجاه دينى الى حد بعيد .
تعتمد على الدين والوحى كمصادر للحقيقة ، ولا تهتم بالجوانب الامبيريقية .
فإذا كان الشخص الحسى يكتسب المعرفة من الظواهر التى يمكن ملاحظتها ، ولذلك يستطيع ان يعالجها ببراعة ، فان الشخص الصورى هو ببساطة الذى يطابق بين الانماط واحوالها فى مجموعة كلمات ، ويضع تنبؤات خيالية , ويكون ازليا ومطلقا
ثالثاً : الثقافة المثالية مزيجا من الانماط الحسية والصورية
هذا النوع من الثقافة يرتقى فوق النوعين السابقين نظرا لاضافة ( السبب ) كمصدر للحقيقة
رابعاً : الثقافة المختلطة : وهو مركب من الثقافة الحسية والصورية بدون ( سبب ) كمصدر للحقيقة . يجب ان تعتمد هذه الثقافة الى حد ما على الامبيريقية والزهد او التقشف .
يعتقد سوروكين ان هذه المجتمعات ترتد جيئة وذهابا ما بين الحضارة الحسية والصورية ، احيانا ترتفع بدرجات كبيرة ، وتحرز تقريبا الثقافة المثالية ، وفى احيان اخرى تمر بالثقافة المختلطة .
من الواضح ان اصحاب النظريات الدائرية يتفقون على ان التاريخ يعيد نفسه ، وان الخبرات التاريخية للمجتمعات يمكن ان تتكرر ، ولكنهم مع ذلك يختلفون فى رؤيتهم لهذه الحركة الدائرية للمجتمعات . بعضهم يحدد مراحل ثابتة تمر بها كل المجتمعات كما فى نظرية شبنجلر او سوروكين ، بينما يميل البعض الآخر الى الحديث عن دورات يمكن ان تتكرر هنا وهناك دون تحديد مراحل ثابتة كما هو الحال فى نظرية توينبى .
1- انها تفرض مخططا تطوريا ثابتا على كل المجتمعات دون النظر الى واقع هذه المجتمعات وسياق ابنيتها الداخلية .
2- انها تعتبر التطور عملية حتمية .
3- انها تهمل التطور متعدد الخطوط ، فالتطور اما خطى واما دائرى . 4- انها تفترض ان التطور اما ان يكون تقدميا او رجعيا ، وهى بذلك تهمل اشكال التطور الاخرى الوسيطة .
الصور الحديثة التطورية : رغم ان البعض يؤكدون ان التطورية المحدثة قد تخلصت من كثير من مشكلات التطورية الكلاسيكية . لم يعد الفكر التطورى يركز على الحتمية التاريخية . لم يعد يركز على احادية التطور . لم يعد يناظر بين التطور على المستوى البيولوجى ونظيره على المستوى الاجتماعى . بالرغم من ذلك كله ، الا اننا لا نجد خلافا كبيرا بين الفكر التطورى القديم والفكر التطورى المحدث ، بل ان الفكر التطورى – قديمه وحديثه – قد نشأ لتحقيق نفس الهدف ، وهو تأكيد تفوق الحضارة الغربية وتقدمها .
نماذج من الفكر التطورى الحديث : 1- نظرية مراحل النمو : قدمها ( والت روستو ) 1961 ، وتقوم على فرضية مؤداها ان النمو الاقتصادى فى المجتمعات جميعا يمر بمراحل محددة ، وان الفرق بين مجتمع وآخر هو فى الدرجة التى قطعها المجتمع على طريق النمو الاقتصادى . حدد روستو مراحل النمو بخمس مراحل وهى : مرحلة المجتمع التقليدى – مرحلة شروط التهبؤ للانطلاق – مرحلة الانطلاق – مرحلة الاتجاه نحو النضج – مرحلة الاستهلاك الوفير .
2- نظرية الالتقاء او التقارب : قدم هذه النظرية كلارك كير وزملاؤه 1960 ، وتفترض ان العالم قد دخل الى مرحلة جديدة وهى مرحلة التصنيع الكامل ، ولا شك ان هناك من الافكار ما يقترب من هذه المرحلة ، وبعضها الآخر ما يزال بعيدا عنها ، وللتصنيع خاصية جوهرية هى انه يجعل المجتمعات متشابهة ويخلق نظما متشابهة . ولقد وصلت المجتمعات الصناعية الى هذا التشابه الذى يشكل مستقبل المجتمعات غير الصناعية . ويقوم هذا التشابه على المظاهر التالية :
1- الانتاج الواسع النطاق .
2- الحراك الاجتماعى الرأسى والافقى .
3- تطور التعليم وتفرعه .
4- التحضر وزيادة عدد السكان .
5- تحقيق درجة من الانفاق على القيم .
6- نمو الاعتماد المتبادل وتناقص فرص قيام الحرب .

3- نظرية نهاية التاريخ :
من احدث نظريات التطور ، قدمها المفكر الامريكى ( فرنسيس فوكوياما ) 1989 م بعد سقوط الاشتراكية فى الاتحاد السوفيتى ودول اوروبا الشرقية . تتأسس هذه النظرية على آراء هيجل التطورية التى تنظر الى التطور على انه انطلاق نحو الكمال ، العقل الكامل ، الدولة الكاملة والقيم المطلقة ، انه تطور نحو المطلق يختمه قانون الجدل ويسعى به الى افضل الصور واكملها .
لقد اعتمد فوكوياما على فكرة هيجل حول : الرغبة فى الاعتراف والتقدير . والتى اعتبرها هيجل فكرة محركة للتاريخ . ينظر فوكوياما الى الديمقراطية الليبرالية المعاصرة ، والتى تمثلها امريكا ، على انها الغت فكرة العلاقة بين السادة والعبيد ، والتى كانت موجودة بشكل او بآخر فى النظم السياسية الاخرى .
كانت هذه النظم تنشغل بالبحث عن الاعتراف ، الذى يتمثل فى صورته الملموسة فى النزاع بين شخصين متحاربين . ان هذه الرغبة فى الاعتراف هى التى تجعل ايا منهما يموت استسلاما للآخر ، وهى التى تجعل النظم السياسية تتأسس على علاقات تسلطية ، وهى التى تجعل دولا تسيطر على دول اخرى وتقيم امبراطوريات .
لقد ظل الامر هكذا طوال البشرية ، طالما ان الرغبة فى انتزاع الاعتراف تتأسس على اسس لاعقلانية . اما الليبرالية الديمقراطية – التى ظهرت بعد الثورة الفرنسية والثورة الامريكية – فقد بدلت الرغبة غير العقلانية فى الاعتراف بالدولة او الفرد ، واحلت محلها رغبة عقلانية فى الاعتراف بالدولة او الفرد ، على اساس من المساواة .
ويعنى ذلك ان الليبرالية الديمقراطية قد حلت معضلة الصراع التاريخى من خلال قيمة المساواة . وهى بذلك تكون قد اوقفت التاريخ عن الحركة ، فهى إذن نهاية التاريخ وسوف تتطور نفس المجتمعات لتصل الى نفس هذه النهاية . وليس ثمة مجال آخر للتطور بعد الديمقراطية الليبرالية التى تحقق للفرد ذاته وكماله وتخلق اطارا من المساواة ، وتختفى فيه السيطرة الامبيريالية .
ثالثا : النظريات البنائية – الوظيفية
1- شجبت الوظيفية فكرة فهم المجتمع فى ضوء تاريخه .
2- شجبت فكرة مراحل التطور .
3- حاولت الوظيفية ان تفهم المجتمع فى ضوء ظروفه المعاصرة ، وفى ضوء العلاقات المتبادلة بين مكوناته . تعتمد النظرية البنائية الوظيفية فى تحليلاتها على مفهومين رئيسين هما :
مفهوم البناء ومفهوم الوظيفة
يشير مفهوم البناء الى العلاقات المستمرة الثابتة بين الوحدات الاجتماعية

يشير مفهوم الوظيفة الى النتائج او الآثار المترتبة على النشاط الاجتماعى .
البناء يكشف عن الجوانب الهيكلية الثابتة . تشير الوظيفة الى الجوانب الدينامية داخل البناء الاجتماعى ، والذى امكن من خلاله تحليل الجوانب الهيكلية والجوانب الدينامية الوظيفية .
المجتمع نسق يتكون من مجموعة من الانساق الفرعية يؤدى كل منها وظيفة محددة
1- ظهرت الوظيفية عبر تراث طويل امتد من القرن التاسع عشر حتى وقتنا الحاضر .
2- ساهم فيها عدد كبير من العلماء ، لذلك تعددت صورها وتباينت الاسهامات النظرية فيها .
3- تحليل التغير الاجتماعى من وجهة نظر الوظيفية ، يتطلب التوقف عند بعض صور الوظيفية والتى ظهرت بدءا من القرن التاسع عشر وحتى الآن .
4- بالرغم من وجود ضروب من الاتفاق بين هذه الصور ، الا ان ثمة اختلاف بينهما ، وهو اختلاف نابع من طبيعة الظرف التاريخى الذى ظهرت فيه كل صورة من هذه الصور . هناك وظيفة القرن19 ،والتى تأسست من خلال اعمال سبنسر ودور كايم وباريتو ، ولفيف من علماء الانثربولوجيا
وهناك وظيفة القرن 20 والتى اسسها تالكوت بارسونز . وهناك اخيرا نظرية التنمية الوظيفية التى طورها تلاميذ للوظيفيين الاوائل والمحدثين ، فى محاولاتهم لفهم طبيعة التغير الاجتماعى فى المجتمعات النامية . وسوف نحاول ان نلقى نظرة سريعة على صورة من هذه الصور .
1- الوظيفية الكلاسيكية : تنظر الى التغير الاجتماعى باعتباره تغيرا توازنيا تدريجيا لا يؤدى الى هدم البناء الاجتماعى او تبديله ، وانما يؤدى الى استمراره فى حالة متكاملة ومتوازنة . التغير الاجتماعى يظهر فى شكل اضافات فى الحجم وتباين فى المكونات ، يصاحبه دائما عمليات للتكامل والتوازن .
نظرة سريعة على اسهامين من اسهامات الوظيفية الكلاسيكية : يتغير المجتمع من وجهة نظر هربرت سبنسر فى ضوء نفس القوانين التى يتحول بها عالم المادة التى تتحول من حالة اللاتجانس واللاتحدد الى حالة التجانس والتحدد والانتظام . المجتمع يشبه فى تكوينه الكائن العضوى . عندما ينمو المجتمع تتباين مكوناته وتصبح غير متشابهة ، وهنا يظهر ضرب من التباين البنائى .
هذه التباين لا يفقد المجتمع تكامله لانه يطور اشكال جديدة لتكامل اجزائه المتباينة . المجتمعات تبدأ بسيطة ، وتتحول بالتدريج الى مجتمعات مركبة ، ويتحول المركب الى مركب المركب . الى ان يظهر المجتمع الصناعى الذى يتميز بتباينه وعدم تجانسه الشديدين . المجتمع البسيط يطلق عليه ( المجتمع العسكرى ) يؤسس على القهر والتعاون الاجبارى . المجتمع الصناعى يؤسس تكامله على التعاون الاختيارى .
اميل دور كايم قدم نظرية فى التغير الاجتماعى تشبه الى حد كبير نظرية سبنسر ، دون التزام بالمماثلة العضوية ، او تشبيه التغير فى المجتمع بالتغيرات فى عالم المادة او عالم الكائنات الحية . انطلق من منظور وظيفى يتأسس على فكرتى التباين والتضامن ، ويتضح ذلك من العلاقة التى اقامها بين مفهوم تقسيم العمل ومفهوم التضامن الاجتماعى .
تقسم العمل تصاحبه ضرورة مختلفة من التباين الاجتماعى تتمثل فى زيادة السكان وزيادة الكثافة الاخلاقية ، هذه التباينات هى التى تجعل العمل ضرورة . المجتمعات إذن فى تغيرها تميل الى ان تتباين فى مكوناتها ، بل ان حدوث اشكال من التباين يؤدى الى زيادة الكثافة الاخلاقية ( تنوع القيم والاتجاهات والميول والمعتقدات ) ، وهذه بدورها تؤدى الى تقسيم العمل . وهكذا... تحول المجتمعات منضبط بقواعد ومعايير قانونية ، من هنا يأتى مفهوم ( التضامن ) .
المجتمعات البسيطة ، هى مجتمعات بسيطة غير متباينة ولا يوجد فيها تقسيم عمل ، يكون تضامنها وتكاملها من خلال ( القانون القهرى ) . المجتمعات الحديثة ، هى مجتمعات متباينة وفيها اشكال من تقسيم العمل ، يكون تضامنها من خلال القانون المدنى او التعويضى .
المجتمعات عند دور كايم تتحول من البسيطة ( غير متباينة ، ولا يوجد فيها تقسيم للعمل ) الى مجتمعات حديثة ( متباينة وفيها تقسيم للعمل ) . اطلق على الاولى مجتمعات التضامن الآلى ، واطلق على النوع الثانى مجتمعات التضامن العضوى .
2- نظرية التوازن الدينامى : يعد عالم الاجتماع الامريكى ( تالكوت بارسونز ) اشهر من طّور الافكار الوظيفية فى هذا الاتجاه . ان المجتمع عند بارسونز هو احد الانساق الاساسية للفعل التى حددها بارسونز فى اربعة انساق : النسق العضوى – نسق الشخصية – المجتمع – الثقافة
المجتمع بدوره ينقسم من الداخل الى اربعة انساق فرعية هى : الاقتصاد – السياسة – الروابط المجتمعية – نظم التنشئة الاجتماعية . المجتمع كنسق يعيش فى حالة توازن من الداخل حيث يحقق انساق علاقات منتظمة ومتوازنة . عندما يتعرض المجتمع لحالة تغير ، فانه لا يفقد توازنه ، فهذا التوازن دينامى ومستمر ، لذلك فانه يمكن للمجتمع دائما من ان يتكيف مع التغيرات الجديدة ، ويدمجها داخل بنائه .
عند بارسونز نوعان من التغير : 1- التغيرات قصيرة المدى :هى تغيرات تظهر داخل المجتمع نتيجة عوامل داخلية ( من داخل المجتمع كالتوترات التى تفرض اتجاها للتغير مثل تلك الناتجة عن ظهور الاختراعات والافكار الجديدة ) . او عوامل خارجية ( تظهر فى اى نسق من الانساق التى تشكل بيئة المجتمع كتغير اساليب استغلال الطبيعة ، او الحروب ) .
ان هذه التغيرات تحدث تأثيرا على حالة التوازن التى ينتظم فيها المجتمع . انها تكسر التوازن او تهدده من جراء ما تخلفه من توترات فى بناء العلاقات الداخلية بين مكونات النسق الاجتماعى . إذا استمرت هذه التغيرات ، فقد تؤدى الى القضاء على المجتمع او الى إحداث تغيرات بنائية عامة فيه ( كما يحدث فى حالة الثورات ) ، ولكن هذا لا يحدث الا فى ظروف نادرة . لماذا ؟ لان المجتمعات لديها قدرة تكيفية داخلية ناتجة من حالة التوازن الدينامى التى يتميز بها المجتمع .
عندما تحدث التوترات والضغوط المولدة للتغير داخل المجتمع ، فانها تؤثر على حالة التوازن ، ولكن المجتمع ما يلبث ان يمتص هذه التوترات والضغوط ويستعيد توازنه ويظل محتفظاً بهذه الحالة من التوازن ، حتى تظهر توترات اخرى ، وهكذا يوصف التوازن بانه دينامى . اى مستمر قابل لان يستوعب كل ماهو جديد . وان يعيد تكيف النسق معه بحيث تظهر التغيرات فى اضيق الحدود .
وتتصف التغيرات قصيرة المدى داخل النسق الاجتماعى بعدة خصائص : أ – تدريجية لا تؤدى الى انهيار النسق او تغيره بشكل جذرى ب- ترتبط بعمليتين ملازمتين هما التوازن واللاتوازن . تعتبر الاولى دائمة . والثانية عملية عارضة .
ج- جوهر التغير هو التغير البنائى الوظيفى . د- الاتفاق العام على القيم وادوات الضبط هما اللذان يحفظان للنسق الاجتماعى توازنه الدائم .
2- التغيرات بعيدة المدى : اى تغيرات واسعة النطاق تحدث على فترات متباعدة . فسر بارسونز هذه التغيرات من خلال مفهوم العموميات التطورية . يقصد بالعمومية التطورية : التجديد البنائى الذى له قدرة على الاستمرار والبقاء ، ويخلق بدوره تجديدات وتطويرات اخرى ، انهاتخلق ضربا من الانكسار فى البناء القائم ، وتدفعه الى آفاق جديدة من التغير .
هذه العموميات التطورية هى التى خلقت كل التحولات بعيدة المدى فى تطور المجتمعات ، فظهور نسق الشرعية الثقافية وظهور نسق التدرج الاجتماعى ، قد ادى الى ان تتحول المجتمعات البدائية الى مجتمعات وسيطة . كما ان ظهور النقود والاسواق والقانون هو الذى ادى الى تحول المجتمعات الوسيطة الى مجتمعات حديثة .
عندما تظهر العمومية التطورية ، تخلق تبايناً اجتماعياً واسع النطاق ، وتحولات بنائية ملموسة ، ولكن هذا التباين لا بد وان يقابله عمليات تكامل تضبط هذا التحول وتقوده ، الى ان يصبح هذا التحول الذى خلقته العمومية التطورية تحولاً عاماً او طبيعياً . استخدم بارسونز هذا التحليل لرصد حركة التطور فى المجتمعات الحديثة عبر تطورها من المرحلة البدائية الى المرحلة الوسيطة الى المرحلة الحديثة .
ج- نظرية التحديث الوظيفية : اى يحدث التغير الاجتماعى فى الابنية التقليدية ( التى تقع خارج نطاق المجتمعات الصناعية الحديثة ) من خلال عوامل خارجية ناتجة عن عملية اتصالها بمصدر الثقافة الحديثة الغربية ، فالاتصال الثقافى بالحضارة الغربية يؤدى الى نشر الثقافة الحديثة فى شكل دوائر تتسع باستمرار الى ان تشمل قطاعات المجتمع باسره . وتقاس التقليدية هنا بدرجة سكون البناء الاجتماعى ، وتجانسه ، وانخفاض مستوى التكنولوجيا ، وانخفاض نصيب الفرد من الدخل القومى .
عندما يحدث هذا الاتصال تبدأ الثقافة التقليدية فى الخروج من جمودها وتشهد عمليات تباين واسعة النطاق تؤدى الى تغيرها لكى تقترب من النموذج المثالى فى المجتمعات الغربية . ويطلق على هذه العملية ( عملية التنمية او التحديث ) ، وهى عملية تتمثل فى اكتساب واستيعاب المجتمعات النامية لقيم العمومية والانجاز والتخصص ، وهى القيم التى تتأسس عليها الثقافة الحديثة .
ان التغير الاجتماعى المرتبط بعمليتى التنمية والتحديث ليس تغيرا جذريا ، بل هو تغير تدريجى ( خطى وتقدمى ) يتم بقتضاه تحول الابنية التقليدية الى ابنية حديثة . ويفرز التغير اثناء حدوثه بعض المشكلات كالتناقض بين القديم والجديد ، وحدوث ( الهوة الثقافية ) .الكتاب كل هذه التوترات تكون طبيعية وسوف تختفى بالتدريج مع الاتساع فى عملية التغير على اختلاف بين المجتمعات فى درجة الاستيعاب لهذه التناقضات والتغلب عليها .
وكلما كان المجتمع اكثر قدرة على التكيف الداخلى والمرونة ، كان اكثر قدرة على التغلب على مشكلات التحول . من الواضح ان نظرية التحديث تميل ميلا وظيفيا شديدا ، فتقترض وجود تغيرات تدريجية ترتبط بعمليات التباين والتكامل . كما تفترض ان خبرة التغير فى المجتمعات الغربية يمكن ان تتكرر فى المجتمعات النامية .
رابعا: النظريات المادية التاريخية
إذا كانت النظرية الوظيفية تركز على التغير التدريجى التوازنى ، فان المادية التاريخية تركز على التغيرات الثورية التى تنقل المجتمع من حالة الى حالة مناقضة . وإذا كانت الوظيفية تركز على التكامل والاتفاق ، فان المادية التاريخية تركز على الصراع والتناقض . الصراع هو المحرك الاساسى للمجتمع ، وتاريخ المجتمعات هو فى التحليل الاخير تاريخ الصراع بين الطبقات . ترجع الصياغات الاساسية للنظرية المادية التاريخية الى اسهامات كارل ماركس .
ظلت هذه الصياغات تتطور بالحذف او الاضافة حتى يومنا هذا . ومثلما حدث فى النظرية الوظيفية ، فان كثيرا من القضايا المادية التاريخية واساليبها التحليلية قد استخدمت فى تفسير عمليات التغير فى العالم الثالث . فى ضوء هذا نلقى نظرة سريعة على صورتين من صور التحليل المادى التاريخى للتغير الاجتماعى . الاولى : الصورة الماركسية الكلاسيكية . الثانية : الصورة المرتبطة بتحليل التغير الاجتماعى فى العالم الثالث فيما سمى بنظرية النمو المتكافىء او نظرية النسق الرأسمالى العالمى .
1- النظرية الماركسية : تنظر الماركسية الى الحياة الاجتماعية على انها دائبة الحركة ، وتمثل حركتها شكلا خاصا من اشكال حركة المادة . انها تحتوى فى داخلها على دوافع التغير وتنطبق عليها نفس قوانين حركة المادة . الماركسية هى نظرية للتغير الاجتماعى ، ومفهوم التغير يعد مفهوما محوريا فيها .
يتأسس المجتمع على اساس اقتصادى ينحصر فى علاقات الانتاج وانماط الانتاج السائدة فى المرحلة التاريخية ، والاقتصاد يشكل كل عناصر البناء الاجتماعى الاخرى والتى اطلق عليها ماركس البناء الفوقى كالقانون والدولة والاسرة والثقافة . يحدث التغير الاجتماعى كانعكاس للتغير الذى يطرأ على اساس المجتمع الاقتصادى او بنيته التحتية .
فى مرحلة من مراحل تطورها تدخل القوى الانتاجية فى المجتمع فى تناقض مع علاقات الانتاج السائدة . اى ان علاقات الانتاج تصبح غير ملائمة للتطورات التى تحدث فى قوى الانتاج ، ولذلك فلا بد ان تتغير علاقات الانتاج ، وان تتغير معها كل عناصر البناء الفوقى لتدعم هذا التغير الجديد وتحميه .
هنا تحدث الثورة التى تنقل المجتمع من مرحلة الى مرحلة . ويشهد المجتمع فى كل مرحلة من مراحل تطوره طبقتين متعارضتين : واحدة تمتلك قوى الانتاج – والاخرى تشغل هذه القوى وتولد فائضا يعود على الطبقة المالكة . ويؤدى التحول من مرحلة الى مرحلة الى ظهور تغير فى التركيب الطبقى من خلال ظهور طبقة جديدة تقود ثورة التغير ، لتصبح هى الطبقة المالكة او المهيمنة فى المرحلة الجديدة .
ميز ماركس فى تاريخ المجتمعات بين خمس مراحل تبدأ : المرحلة البدائية – مرحلة الانتاج الآسيوى –المرحلة الاقطاعية – المرحلة الرأسمالية – المرحلة الشيوعية . تتميز كل مرحلة بوجود نمط انتاجى معين ، ووجود طبقتين متعارضتين ( فيما عدا المرحلة البدائية والشيوعية حيث يفترض خلوهما من الطبقات والملكية الخاصة ) . ينظر ماركس الى الصراع الطبقى على انه حالة طبيعية فى المجتمعات ، بل هو المحرك الرئيسى للتاريخ .
فإذا كان التناقض الاجتماعى بين قوى الانتاج وعلاقات الانتاج هو الذى يحرك البناء نحو التغير ، فان الصراع الطبقى ينجز هذه المهمة . والمجتمعات لا تتغير الا بوعى افرادها .ومهمة التغير تقع على كاهل طبقة معينة . فالطبقة البرجوازية هى التى قادت التغير من الاقطاعى الى الرأسمالى . ويفترض ماركس ان الطبقة العاملة هى التى ستقود التحول الى الشيوعية .
2- نظرية التنمية التابعة : ترتبط هذه النظرية بتوصيف التغير الاجتماعى فى دول العالم الثالث . هى تختلف عن النظرية الوظيفية . فإذا كانت نظرية التحديث الوظيفية ترى ان التحول فى دول العالم الثالث يسير بشكل منتظم نحو تحقيق النموذج المثالى للمجتمعات الغربية ، فان انصار نظرية النسق الرأسمالى يرون – خلافا لذلك – ان حركة التغير فى مجتمعات العالم الثالث تسير نحو مزيد من التخلف ، وانه إذا تحقق فيها جوانب التنمية فانها تظل تنمية تابعة غير مستقلة .
ان البناء الاجتماعى فى دول العالم الثالث هو بناء متخلف تابع محكوم بنمط معين لتقسيم العمل الدولى . وقد اكتسب هذا البناء المتخلف خصائصه من خلال العلاقات التاريخية التى دخل فيها مع الرأسمالية العالمية . لم تؤد هذه العلاقات الى تحويل الابنية التقليدية الى ابنية حديثة ، ولكن جعلتها خاضعة لخدمة مصالحها ، وحولتها الى ابنية تابعة متخلفة . نتج التخلف هنا من خلال امتصاص الفائض من هذه المجتمعات ونقله الى مراكز النظام الرأسمالى العالمى .
فى ضوء هذه الرؤية ، فان تحليل عمليات التغير الاجتماعى فى دول العالم الثالث ، لا بد وان يتم فى ضوء تحليل ظهور النظام الرأسمالى وتطوره عبر الزمن . وتحليل القوانين التى عمل على ضوئها هذا النظام . ظهر هذا النظام من خلال التوسع الرأسمالى الذى اخضع النظم غير الرأسمالية لسيطرته الاقتصادية والسياسية والعسكرية ، وبذلك اصبحت العلاقات داخل هذا النظام علاقات غير متكافئة وتخضع لما يطلق عليه ( التبادل اللامتكافىء) والذى يعنى احتكار التبادل والسيطرة عليه بواسطة الدول الرأسمالية القوية ، وكذلك احتكار الانتاج .
الامرالذى يجعل الدول المتخلفة عاجزة عن ان تدخل فى علاقات تبادل فى موقف خاص . هذا التبادل غير المتكافىء قد حول العالم الى دول متخلفة ودول غنية متقدمة ترتبط بنظام لتقسيم العمل الدولى تقوم فيه كل وحدة من وحدات النظام بدور اقتصادى وسياسي معين .
1- الطبقة البرجوازية العالمية تتحالف مع البرجوازية المحلية لتسهيل عملية نقل الفائض وتدعيم شبكة العلاقات غير المتكافئة .
2-اجهزة الدولة تعمل على خلق الاطر الدستورية والقانونية التى تعمل فى اطارها هذه العلا قات .
3- تعمل الثقافة والايديولوجيا على خلق الإطار الفكري العام الذي تعمل في ضوئه هذه العلاقات .
النتيجة المنطقية لكل هذا إن ينتج في دول العالم الثالث نمط خاص من التغير يصفه البعض بأنه ( تنمية تابعة أو تنمية رثه ). الخ.ء هذا النمط من التغير ، تفهم كل الظواهر والمشكلات التي تتكشف في دول العالم الثالث إثناء تحولها مثل عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي ، والصراعات العرقية والإيديولوجية والديون ........الخ . إن هذه المشكلات هي من منتجات هذا التغير التابع أو هذه التنمية التابعة.
خامساً : النظريات السيكولوجية – الاجتماعية
تركز على دور الفرد في التغير الاجتماعى ، وعلى دور الأفكار التي يحملها الإفراد في تغير أنماط الحياة ومسارها . تتأسس على فرضية إن التغيرالذى يصيب المجتمع يحدث أساسا في الإفراد ، فالإفراد هم الذين يغيرون وهم الذين يتغيرون ، ولهذا فان هناك مكانا للعوامل النفسية في حركة التغير الاجتماعي .
العوامل النفسية ضرورية لتخلق دينامية التغير الاجتماعي . العوامل النفسية تدفع المجتمع إلى الحركة . العوامل النفسية تخلق الإفراد ذوى القدرات الخاصة. العوامل تدفع إفراد المجتمع إلى الخلق والابتكار. تبلور هذا الاتجاه من خلال أعمال ( ماكس فيبر ) وتطور فيما بعد إلى صياغات حديثة كالتالي :
1- الدور التغيري للأفكار : نظرية فيبر ظهرت أهمية الأفكار في إحداث التغير الاجتماعي من خلال دراسة ماكس فيبر عن الأخلاق البروتستينية وروح الرأسمالية .
2- نظرية الشخصية المحددة : إيفرت هاجن ركز هاجن على دور المجددين في إحداث التغير الاجتماعي . يفترض إن ثمة علاقة قوية بين طبيعة البناء الاجتماعي وبين نمط الشخصية، بحيث يمكن القول إن البناء الاجتماعي لن يتغير إلا إذا تغيرت الشخصية. والتغير يرتبط بعوامل نفسية ، اى يخلق أنماط الشخصية القادرة على التجديد . تتسم هذه الشخصية بالابتكارية والفضول والانفتاح على الخبرة وتسعى إلى ابتكار الحلول الجديدة ولأتقبل ماهو قائم منها .وتكون قادرة على حل المشكلات .....الخ
3- نظرية المجتمع المنجز : ديفيد ما كليل ند مثل هاجن ، مال ميلا سيكولوجيا في تحليله لعملية التغير في المجتمعات التقليدية ، وكانت نقطة الارتكاز عنده هي الدافعية للانجاز . فهو المحرك الاساسى لعملية التغيرالاجتماعى . لقد أكد على إن عملية التنمية الاقتصادية – سواء في المجتمعات القديمة أو الحديثة – تظهر دائما بناء على ظهور متغير سابق عليها الحاجة إلى الانجاز . ويقصد بها القدرة على إلا نجاز الاقتصادي الفردي الذي ينتج النمو الاقتصادي.
ومن مقاييس الدافعية للانجاز : تراكم النقود – تفضيل الإعمال الصعبة – تفضيل الدخول في المخاطرات المحسوبة – وجود نشاط تجديدى خلاق – وجود قدر من تحمل المسؤولية – ميل نحو تخطيط الأفعال الفردية . فإذا أردنا إن نعرف حجم التغير في مجتمع ، فان علينا أن نتعرف على وجود حجم الدافعية للانجاز بين أفراده ، وذلك من خلال قياسها عبر المؤشرات الدالة عليها .
افترض إن المجتمعات التي تفتقد دوافع الانجاز ، عليها أن تركز على عمليات التنشئة الاجتماعية لكي تخلق الإفراد القادرين على تحمل المسؤولية ، وعلى مواصلة تحقيق الأهداف بقدر كبير من المثابرة والانجاز . انتقدت هذه النظرية لإسرافها في إبراز العوامل النفسية والدافعية للانجاز على أنها هي المحرك للنمو الاقتصادي . لذلك عدل في النظرية ليركز لا على التنشئة الاجتماعية فقط، ولكن على التدريب وتغيير الاتجاهات.

1- النظريات التطورية: تشتمل هذه النظريات بوجه عام – كمدخل تفسيري وتحليلي للتغير الثقافي – على فكرتين: أ- التغير الثقافي يحدث بمعدلات أكثر تباطؤاً. ب- التغير الثقافي يسير بالضرورة في مجموعة من المراحل التعاقبية .
الفكرة الأول يعبر عنها ( سمنر ) في كتابه ( الطرائق الشعبية ) ، ويقدم ( وليم اوجبرن) بعض التعديلات فيها . انظري الكتاب ص 154- 155. الفكرة الثانية قدم لها ( أوجست كونت ) و(سير هنري مين ) و(سبنسر)و ( دوركايم) ص156 . نقد النظرية ص157
2- النظريات الشرطية : القضية الأساسية ليست هي اكتشاف الاتجاه العام للتطور الثقافي ، بل هي تحديد الوزن النسبي لعوامل التغير المختلفة في مجال أحداث هذه التغيرات . عرفت هذه النظريات ”الحتمية“ لأنها تحدد عاملا واحدا بعينه دون غيره. من إشكال هذه الحتميات: الحتمية الاقتصادية – الحتمية التكنولوجية. وتواجه هذه النظريات صعوبات منهجية تتعلق بحدود التفسيرالعلمى للظواهر الاجتماعية والثقافية . ص158
وإزاء هذه الصعوبات تقدم نظريات ( العوامل المتعددة ) مدخلا لتفسير التغير الثقافي يتعارض مع مدخل النظريات الحتمية يعترف بتعقد التفسير العلمي للتغير الثقافي ويؤكد أن : 1- التغير الثقافي ينبثق عن عدد كبير من المصادر ولا يرجع إلى عامل واحد بعينه. 2- التغير يعتمد على عدد متنوع من المصادر .
يميل العلماء في الوقت الحاضر إلى رفض النظريات الحتمية والنظريات التطورية . يميل التفسير السوسيولوجي اليوم إلى الاتجاه نحو ”بناء للتفسير اقل تعقيدا ” حيث يهتم بالبحث عن عوامل التغير التي إن وجدت ، ارتبط بها عدد من التغيرات الثقافية . ص161



الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
lamia

lamia


الجنس : انثى
عدد المساهمات : 290
تاريخ التسجيل : 27/01/2011

النظريات المفسرة للتغير الاجتماعى والثقافى الفصل الثالث  Empty
مُساهمةموضوع: رد: النظريات المفسرة للتغير الاجتماعى والثقافى الفصل الثالث    النظريات المفسرة للتغير الاجتماعى والثقافى الفصل الثالث  I_icon_minitimeالجمعة فبراير 18, 2011 4:45 am

بارك الله فيــــــــــــــكي
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
البلسم الشافي

البلسم الشافي


الجنس : انثى
عدد المساهمات : 523
تاريخ التسجيل : 30/01/2011
الموقع : https://unva.forumalgerie.net

النظريات المفسرة للتغير الاجتماعى والثقافى الفصل الثالث  Empty
مُساهمةموضوع: رد: النظريات المفسرة للتغير الاجتماعى والثقافى الفصل الثالث    النظريات المفسرة للتغير الاجتماعى والثقافى الفصل الثالث  I_icon_minitimeالجمعة فبراير 18, 2011 9:35 am

الف شكر والف تحية على مرورك
نورتي الصفحة
دمتي مميزة
تحياتي
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
النظريات المفسرة للتغير الاجتماعى والثقافى الفصل الثالث
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» التغير الاجتماعى والثقافى الفصل الثانى
» الفصل الثالث:- الاطار التطبيقي للدراسة :-
» الفصل الاول: الدوريات الالكترونية
» الفصل الثاني :- النشر الالكتروني
» التغير الاجتماعي الفصل الاول

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
البحث العلمي :: منتدى العلوم الإجتماعية والإنسانية :: قسم علم الإجتماع-
انتقل الى: