القيم والتربية

إن المنهج هو إحدى أدوات التربية التي تساعد -على تحقيق أهدافها ويحتوى المنهاج التربوي على بعدين رئيسيين هما:
- البعد المعرفي: يقدم المعلومات والحقائق والمفاهيم والقوانين والنظريات العلمية.
- البعد القيمي: يشمل منظومة القيم المتكاملة التي ينظمها المنهاج ويراد غرسها في نفوس الطلبة.
ولابد من إتباع إستراتيجية تعتمد على منظومة قيمية تبرمج ضمن العملية التربوية، ويُشارك في هذه العملية المعلم والمنهاج والتعليم، ولابد أن تحتوي المنظومة التربوية على منظومة قيمية حتى نحمي الأفراد من الضياع والانحراف.
إن العلاقة بين القيم والتربية علاقة جدلية، فالتربية تسعى إلى غرس القيم في التلاميذ، أما القيم فتؤثر في التربية باعتبارها أحكاما ومعايير وضوابط وأطر حياة توجه العملية التربوية، بدون التربية يصعب غرس القيم وتصبح التربية عقيمة غير ذات فائدة.
إن نقل التصورات الجماعية ضروري للنمو والتنشئة الاجتماعية للكائن البشري، لا توجد تربية بدون قيم، وهناك ثلاثة أنواع من القيم التي يجب أن تهتم بها التربية وهي:
- القيم الخلقية: البحث عما هو خير.
- القيم المعرفية: البحث عما هو حقيقة(صحيح).
- القيم الجمالية: معرفة ما هو جميل.
القيم والوسائل التربوية
تستخدم المنظومة التربوية عدة أدوات لتعليم القيم منها:
أ) المنهاج
ب) المعلم
ج) المحاضرات والدروس
د) الندوات
ه) وسائل الاتصال الدراسات السابقة حول القيم والتربية في المنظومة التربوية العربية والجزائرية:
دراسة القيم الدينية والتربية عند بوفلجة غياث
يقول بوفلجة غياث: إن الاعتماد على المصادر الدينية كمنطلق لوضع البرامج، يساعد على تجنب كل التناقضات الموجودة في برامجنا التربوية، وبالتالي التوحيد بين الأفكار السائدة في المجتمع وقيمه، وبين الأفكار التي يتلقاها فلذة أكبادنا ومعتقداتهم، وهو ما يؤدي إلى وحدة التصور والتناسق بين عناصر المحيط وإلى القضاء على مصادر الصراعات والتناقضات في المجتمع الإسلامي.
كما يذكر د.بوفلجة خمسة قواعد ومبادئ التي يمكن استخدامها لبناء تربية إسلامية عصرية وهي:
- أن تكون متفاعلة مع الواقع العقدي والثقافي للمجتمع.
- أن تكون متفاعلة مع الواقع الجغرافي والاقتصادي.
- أن تتماشى مع التطورات العلمية والتكنولوجية.
- أن تكون إنسانية الطابع.
- أن تكون ذات أهداف كونية شاملة.
وفي الأخير يرى د. بوفلجة أن على التربية أن تتكيف مع محيطها الاقتصادي والاجتماعي، وأن تهتم في برامجها وتحديد أهدافها على العناصر الجغرافية والاقتصادية حتى تكون في خدمة الاقتصاد المحلي، كما أنه عليها أن تأخذ القيم الدينية والثقافية في الحسبان حتى تطابق أهداف المجتمع وانشغالاته مع الأهداف المدرسية مما يساهم في توحيد الأفكار والتصورات والأهداف وهو ما يؤدي حتما إلى انسجام أفراد المجتمع
حسب مقتضيات العصر والعلم والثقافة والتغييرات...الخ
واقع القيم المتضمنة في الأهداف العامة للتربية في الأقطار العربية لفايز الحديدي
- هدف الدراسة: مراجعة قوائم الأهداف العامة للتربية العربية في 15دولة عربية ومقارنتها بالقوائم الأوروبية.
المنهج : استخدم منهج تحليل المضمون
- القيم المدروسة: اهتم الباحث بالقيم الإنسانية والخلقية والدينية والاجتماعية، والوطنية والحياتية والفردية، كما اهتم أيضا بالقيم المتضمنة والقيم السائدة. وقد توصل إلى النتائج التالية:
- النظم الغربية تتبنى قيما معينة وتتخذها كأهداف وأحكام ومعايير، أما النظم العربية كان اهتمامها بالقيم عشوائيا دون تخطيط مسبق.
- اختلفت القيم التربوية باختلاف توجهات كل نظام تربوي عربي.
- هناك اهتمام بقيم معينة وإهمال أخرى.
- أشارت الأنظمة التربوية إلى بعض القيم بصورة صريحة وإلى البعض الآخر بصورة ضمنية.
- لا تستخدم القيم التربوية على دراسات تحدد القيم المطلوبة.
دراسة القيم النفسية والخلقية من خلال محتويات كتب التربية الإسلامية والآداب للسنة الأولى من التعليم الثانوي-دراسة تحليلية- لعبد الحميد خزار.
- تساؤلات الدراسة :
السؤال 1: ما هي القيم النفسية والخلقية التي يتضمنها محتوى منهاج كتب التربية الإسلامية والآداب، عينة البحث؟
السؤال2:ما هي القيم النفسية والخلقية المشتركة والقيم النفسية والخلقية المنعزلة في كتب التربية الإسلامية والآداب، عينة البحث؟
السؤال 3: ما ترتيب القيم النفسية والخلقية في كتب التربية الإسلامية والآداب –عينة البحث؟
السؤال 4: ما نسب توزيع القيم النفسية والخلقية في كتب التربية الإسلامية والآداب وفقا لتكرارها في كل مجال وهي
- المجال الديني
- المجال الشخصي
- المجال الأسري
- المجال الاجتماعي
- المجال الوطني
السؤال 5:ما الملمح العام لتوزيع القيم النفسية والخلقية وفقا لنتائج الدراسة الحالية لمحتوى مناهج كتب التربية الإسلامية والآداب -عينة الدراسة -؟
- فرضيات الدراسة :
* الفرضية الأولى : توجد فروق بين الكتابين -عينة الدراسة –في تكرارات القيم النفسية والخلقية في المجالات الخمسة :الديني، الشخصي، الأسري والاجتماعي والوطني.
* الفرضية الثانية : توجد فروق بين المجالات الخمسة في تكرارات القيم النفسية والخلقية في الكتابين-عينة الدراسة.
* الفرضية الثالثة : يحتوي كل كتاب من الكتابين -عينة الدراسة – على القيم النفسية والخلقية بصورة مستقلة عن الكتب الأخرى في المجالات الخمسة :الديني، الشخصي، الأسري والاجتماعي والوطني.

- نتائج الدراسة :
* نتائج السؤال الأول :
- تضمن كتاب الشريعة السنة أولى ثانوي جذوع مشتركة 19 قيمة دينية و9قيم شخصية، وقيمتان أسريتان وثلاث قيم اجتماعية وقيمة واحدة وطنية.
- تضمن كتاب المختار في الأدب والنصوص للسنة أولى ثانوي جذع مشترك آداب 25 قيمة دينية و30 قيمة شخصية، و7 قيم أسرية و16 قيمة اجتماعية و6 قيم وطنية.
- تضمن كتاب المختار في الأدب والنصوص للسنة أولى ثانوي جذعين مشتركين علوم وتكنولوجيا 29 قيمة دينية و28 قيمة شخصية، و11قيمة أسرية و21قيمة اجتماعية و5 قيم وطنية.
* نتائج السؤال الثالث:
- هناك 21 قيمة محتواة في الكتب الثلاثة:منها 11دينية، 6 شخصية، 1أسرية، 2 اجتماعية و1وطنية.
- هناك 56 قيمة محتواة في كتابين: منها 17 دينية، 19 شخصية، 3 أسرية، 13 اجتماعية و4 وطنية.
- هناك 37 قيمة محتواة في كتاب واحد: منها 6 دينية ، 11 شخصية ، 11 أسرية ،8 اجتماعية و 1وطنية.
- جاءت معاملات الارتباط المحسوبة بمعادلة سبيرمان للارتباط الرتبي بعضها موجب وبعضها سالب وكلها دالة إحصائيا وبعضها يقترب من الصفر.
* نتائج السؤال الثالث:
- جاءت في كتاب علوم الشريعة 32 قيمة نفسية وخلقية في الرتب الأولى وفقا لأحجام تكراراتها منها 17 دينية، 9 شخصية،2 أسرية، 3 اجتماعية، 1 وطنية.
- جاءت في كتاب المختار في الآداب والنصوص-آداب- 48 قيمة نفسية وخلقية في الرتب الأولى وفقا لأحجام تكراراتها منها 10 دينية، 15 شخصية،7 أسرية، 10 اجتماعية، 6 وطنية.
- جاءت في كتاب المختار في الآداب والنصوص-للجذعين المشتركين علوم وتكنولوجيا- 44 قيمة نفسية وخلقية في الرتب الأولى وفقا لأحجام تكراراتها منها 10 دينية، 10 شخصية،10 أسرية، 10 اجتماعية
4 وطنية.
* نتائج السؤال الرابع :
- جاءت في كتاب علوم الشريعة 32 قيمة نفسية وخلقية حصلت على نسب مئوية مرتفعة نسبيا وفقا لأحجام تكراراتها منها، 17 دينية، 9 شخصية 2 أسرية، 3 اجتماعية، 1 وطنية.
- جاءت في كتاب المختار في الآداب والنصوص-آداب- 48 قيمة نفسية وخلقية حصلت على نسب مئوية مرتفعة نسبيا وفقا لأحجام تكراراتها منها 10 دينية، 15 شخصية،7 أسرية، 10 اجتماعية، 6 وطنية.
- جاءت في كتاب المختار في الآداب والنصوص-للجذعين المشتركين علوم وتكنولوجيا- 44 قيمة نفسية وخلقية حصلت على نسب مئوية مرتفعة نسبيا وفقا لأحجام تكراراتها منها 10 دينية، 10 شخصية، 10 أسرية، 10 اجتماعية، 4 وطنية .
* نتائج السؤال الخامس:
- جاء الملمح العام لتوزيع القيم النفسية والخلقية في الكتابين –عينة الدراسة على المجالات الخمسة بتفوق المجال الديني على المجالات الأربعة الأخرى، وفقا لأحجام تكرارات قيمه في مناهج الكتب الثلاثة، أما المجالين الشخصي والاجتماعي فقد احتلا الرتب المتوسطة وفقا لأحجام تكرارات قيمه في مناهج الكتب الثلاثة، أما المجالين الأسري والوطني فقد احتلا الرتبة الأخيرة وفقا لأحجام تكرارات قيمه في مناهج الكتابين عينة الدراسة
دراسة يحي محمد لطفي -1985
هدفت هذه الدراسة إلى بناء وحدة تدريسية متكاملة من منهج التاريخ والدين و التعرف على دورها في اكتساب القيم الدينية لتلاميذ المرحلة الإعدادية. وقام الباحث لتحقيق هدف الدراسة بتحليل محتوى مقرر التاريخ لمعرفة القيم التي يحتويها. ثم قام ببناء وحدة تدريسية متكاملة من الدين والتاريخ وبنى استبيانا لقياس بعض القيم الدينية، ثم درس الوحدة المتكاملة التي قام بإعدادها، وتوصلت الدراسة إلى نتيجة أن تدريس بعض مقررات الدين له دور فعّال في اكتساب التلاميذ القيم الدينية.
دراسة المجلس القومي للتعليم والبحث العلمي والتكنولوجيا بمصر
حول تأصيل القيم الدينية في نفوس الطلاب وقد هدفت الدراسة إلى الحث على تضمين المناهج التعليمية القيم الدينية، وتعليمها بأسلوب فعّال للتلاميذ في كافة المراحل التعليمية. وقد أوصى المجلس بأن تتضمن مناهج التربية الدينية عرض مسائل الدين المشتملة على العقيدة والعبادات والمعاملات والآداب والأخلاق، وسير الأنبياء والرسل والقادة والمصلحين، وأكد على استنباط العظات والقيم الفاضلة منها مع مراعاة النمو العقلي والوجداني في تحديد المقررات الدراسية .
دراسة محمد سعيد محمد السعيد-1991
حول القيم البيئية المرغوبة والتي كان هدفها التعرف على مدى احتواء مناهج العلوم بالتعليم الأساسي على القيم البيئية المرغوبة وكيفية تناول المناهج التعليمية لهذه القيم، وقد دلت النتائج على أن المناهج التعليمية التي تم تحليل مضامينها تحتوي على عدد لا بأس به من القيم البيئية المرغوبة.[/size]
[][color=reالخاتمة [/color]
يولد الإنسان ويخرج إلى هذا العالم دون أن يدري شيء عن القيم والمعايير والقواعد الاجتماعية، وبالتدريج يبدأ في تعلمها لما ينمو جهازه النفسي، وينضج الأنا الأعلى ويطور ميكانيزم النمذجة، فكلما كان النموذج يتوفر على قدر من الخصائص الخلقية المقبولة كلما ارتقى الحكم الخلقي للفرد إلى مراتب عليا.
إن ما يؤدي إلى تضامن أعضاء الجماعة الاجتماعية هي القيم المشتركة التي يتقاسمونها، وتستند الوحدة الاجتماعية على شيء آخر غير القيم، فقد قال باريتو (Pareto) أن الوحدة تقوم أيضا على المصالح والمعتقدات والميول المشتركة. إذا اضطربت القيم عند الإنسان انسحب وانعزل وتمرد على الواقع، ويحدث هذا الاضطراب لما يكون هناك اختلال في التوازن بين مضمون القيم المثالية وبين ما هو موجود في الواقع.
وتعتبر المنظومة التربوية أحد أهم القنوات للإيصال القيم التي يجب أن تشيع في مجتمع بعينة وتغرس ويكرس تداولها اجتماعيا بين أفراد المجتمع الواحد، لذا يجب أن تعمل كل الهيئات والمنظمات والمؤسسات القائمة على التربية والتعليم على تبني الأهداف التربوية من خلال غرس القيم في منظومتنا التربوية من خلال تضمين المناهج والمقررات هذه القيم، ويجب أن تتبنى هذه الأخيرة نموذجا موحدا ويهدف إلى تحقيق غايات واحدة وليست مختلفة .