ترجع عدة دراسات سوسيولوجية تنامي التعاطي للشعوذة في المغرب إلى المشاكل الاجتماعية كالأمية والبطالة والإحساس بالتهميش والإقصاء الاجتماعيين، وتعد هذه الظواهر المتفشية في المجتمع أحد الأسباب المشجعة على إنتاج واستهلاك أعمال "الشعوذة" والأعمال المرتبطة بها كالسحر والعرافة، واستعمال الأدوات المساعدة كالتمائم وأنواع البخور، وزيارة الأضرحة وغيرها من الطقوس
وتفيد الدراسة ذاتها أن الجهل والفقر كانا عاملين دالين في مؤشرات تعاطي الأفراد للشعوذة إنتاجا واستهلاكا، لكن هذين العنصرين غير حاسمين، لأن المتعاطين لأعمال الشعوذة هم أيضا من داخل الأوساط المثقفة والمتعلمة. وعلى العموم فإن الجهل والفقر يعدان أهم الدوافع الموضوعية والمشتركة لجميع المتعاطين لأعمال الشعوذة من كلتا الفئتين الجاهلة الفقيرة، والمثقفة المتعلمة.
وأكدت دراسات إحصائية عربية أنه في العالم العربي يوجد عراف واحد لكل 1000 نسمة من المواطنين العرب. كما استخلصت الدكتورة "سامية الساعاتي" في دراسة أعدتها عن السحر والشعوذة في المجتمعات العربية أنَّ 55% من المترددات على السحرة هنَّ من المتعلمات ومن المثقفات، و24% ممن يُجدن القراءة.
ويعتقد الناس أن أعمال الشعوذة والسحر طريقة وأسلوب يبذل فيه المشعوذون جهودهم للسيطرة على البيئة والعلاقات الاجتماعية، ويعتقدون أيضاً أنها واسطة يمكن من خلالها حل المشاكل المستعصية،
وعلاج الأمراض المزمنة التي فشل الطب الحديث في علاجها
ويتزايد المتعاطون للشعوذة وتتنوع فئاتهم، حتى أنك تعجز في أن تجد تفسيرا موضوعيا لأسباب تزايد متعاطيها. فلم يعد عالم الشعوذة اليوم مقتصرا على الفئات المحرومة والجاهلة وغير المتعلمة فحسب، بل بات عالم للفئات المثقفة والمتعلمة، زبناؤه من الميسورين ومن الدبلوماسيين والمثقفين والباحثين والأطباء؛ وحتى من دارسي أصول الدين والفقه...
ولذلك تبقى الكثير من التكهنات بخصوص تحليل تنامي الظاهرة غير منسجم على المعايير العلمية الدقيقة، إذ أنه حين كان الجميع يرجع الشعوذة إلى الأمية والجهل، فإنها استطاعت أن تحقق أرقاما قياسيا في معاملاتها، كما استطاعت توسيع قاعدتها.
ففي الوقت الذي كانت الوسائل العلمية الحديثة تقف عاجزة أمام مشاكل وأمراض الناس، وتجيب العديدين منهم أنه لا أمل في حل لمشاكلهم ولا علاج لأمراضهم، أبقى عالم الشعوذة أبواب الأمل مفتوحا في وجه الناس، بادعائه أنه الأقدر على حل جميع المشاكل وعلاج كل الأمراض المستعصية، فصار متنفسا حقيقيا للأفراد من الطبقة الفقيرة الأمية ومن الطبقة الثرية المتعلمة، ولذلك تزايدت قاعدة عالم الشعوذة من المصابين بالأمراض المزمنة والمستعصية كالسرطان، حتى صرت تسمع أن مريضا قال له طبيبه إن حالتك ميؤوس منها، فتوجه إلى مشعوذ أو ساحر فوصف لهم وصفت هلامية، فتشافى تماما من علته.
وتتعزز الدعاية الشعبية للمشعوذين بالادعاء أن الطب الحديث قد عجز عن فك ألغاز عدد من الأمراض النفسية والعضوية، وتأكيده على السلامة العضوية للمصابين، لكن مشعوذا استطاع بطرقه حل شفرة عدد من الأمراض المزمنة، فتحدث الركبان بكراماتهم وقدراتهم الخارقة، بل بات هؤلاء المشعوذون يسخرون من العلم والطب الحديث في الجلسات التي يعقدونها أمام العموم.
وتساهم الظروف المادية والاجتماعية القاسية لعدد من الأسر إلى تعاطي الشعوذة في العلاج من الأمراض المستعصية ولتغيير وضعيتهم الاجتماعية إلى الأفضل، وذلك في غياب موارد مالية لتغطية مصاريف العلاج ومواجهة مصاعب الحياة الاجتماعية والاقتصادية، وهذا هو حال كل دول العالم العربي، حيث لوحظ ارتفاع عدد متتبعي القنوات التي تتحدث عن العلاجات من الأمراض النفسية والعضوية
عبر الطب البديل أو الشعوذة.
وديننا الإسلام يحرم تعاطي السحر ويعتبر من السبع الموبقات والمحرمات بل ويعتبر شرك بالله فبعتبارنا من نخبة وصفوة المجتمع المثقفة ومن شباب هذه الأمة العربية المسلمة فإننا نؤمن بالله ولا نشرك به أحدا ونلجأ له وحده بالدعاء ليغفر لنا ونتوكل عليه لقضاء حوائجنا.